Sunday, 25 April 2021 21:06

ملخص محاضرة الليلة الثالثة عشرة من شهر رمضان 1442 - سماحة الشيخ عبدعلي آل ضيف

Rate this item
(1 Vote)

الخاتمة بين سوء العاقبة، وحسنها

قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾.

الحديث انطلاقاً من الآية المباركة سيكون تحت عنوان الخاتمة بين سوء العاقبة وحسنها، وهذا الحديث يحتاج منا الوقف على ثلاث محطات:

 

 1- المحطة الأولى: بلعم بن باعوراء مثلاً

الآية المباركة التي ذكرناها هي كما يقول الإمام الباقر (ع) في الرواية عنه أنها من آيات الأمثال التي ضرب الله من خلالها مثلاً إلى عباده.

من هو بلعم بن باعوراء؟ هو من أولئك الذين أدركوا نبي الله موسى – على نبينا وآله وعليه السلام وكان له شيئاً من الاسم الأعظم.

النبي عيسى على نبينا وآله وعليه السلام كان لديه حرفان من الاسم الأعظم يبرأ بهما الأكمه والأبرص بل ويحيي الموتى،

آصف بن برخيا لديه حرف واحد،

بمقدار ما يتوفر الإنسان على شيء من الاسم الأعظم بمقدار ما تكون له سلطنة وهيمنة على الكون..

الاسم الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا، وقد أعطى الله تعالى لمحمد وآله اثنين وسبعين حرفا وادخر لنفسه حرفا واحداً.

 

بلعم بن باعوراء كان مستجاب الدعوة، لما لحق فرعون وجيشه بموسى مر فرعون في طريقه ببلعم بن باعوراء وبما أنه مستجاب الدعوة قال يا بلعم ادع على موسى فمال قلب بلعم إلى فرعون فدعا وعندما دعا سلخه الله.

  • عن الرضا (ع): أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجاب له فمال إلى فرعون فلما مر فرعون في طلب موسى عليه السلام وأصحابه قال فرعون لبلعم ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلب موسى عليه السلام فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله عز وجل فقالت ويل لك على ما تضربني أتريد أن أجي‏ء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين فلم يزل يضربها حتى قتله وانسلخ الاسم الأعظم من لسانه وهو قوله ﴿فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ولَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِه ولكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ واتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ وتَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾.

بلعم بن باعوراء صار عدواً من أعداء الله عز وجل، وهذا المثل القرآني يضرب في أي شأن؟! يضرب في حسن العاقبة وسوء العاقبة فأين كان بلعم وأين صار !

 

يقولون عن المجدد الشيرازي والتي كانت مرجعيته في سامراء أنه دخل عليه جماعة يزورونه فلما أرادوا الانصراف قالوا له نسألك أنت تدعو لنا بحسن العاقبة فقال هذا أهم دعاء يطلبه الإنسان لنفسه.

فحسن الخاتمة هي أعز مطلوب، وأعظم أمنية.

 

2- المحطة الثانية: عوامل سوء العاقبة

  • العامل الأول: الإصرار على الذنوب والخطايا.
  • عن الصادق (ع): واعلم أنه ليس شيء أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة.

أن تمارس الكذب، وأن تشرب الخمر، وأنت تمارس مختلف المعاصي والذنوب فإن واحداً من آثار تلك المعاصي والذنوب أن تكون سبباً لسوء العاقبة.

تارة يكون سوء العاقبة سوءا كاملا، وتارة يكون السوء في جزء من العاقبة.

 

ابن عباس حبر الأمة جاء إليه جماعة من الناس فقالوا يا ابن عباس نحن في سفر وقد مات واحد من أصحابنا ولكننا عندما حفرنا له قبرا وإذا بثعبان يترصده، وعندما حفرنا قبرا ثانيا فكان الأمر كذلك، وعندما حفرنا قبرا ثالثا فكان الأمر كذلك أيضا وعندما أردنا أن يدلوننا على أحد نستعلم منه قالوا لنا عليكم بابن عباس ونحن غرباء وأجنبيون عن هذه المنطقة ونريد أن ننتهي من دفنه.

قال ابن عباس ما هي مهنته؟ قالوا كان يبيع اللبن إلا أنه كان يمزج اللبن بالماء، فرد عليهم ابن عباس لو حفرتم الأرض كلها فلن يبتعد عنه الثعبان.

ذنبه الذين كان يمارسه وهو غش الناس لعل الله سبحانه وتعالى أراد أن ينبه أصحابه على سوء ذلك الذنب.

 

في بعض الأحيان تكون العاقبة فيها سوء نسبي ولكن كيف؟!

سعد بن معاذ كان إذا أقبل على النبي (ص) أمر النبي بعض أصحابه أن يقوموا لاستقباله،

ولما مات شيعه النبي.

عن أبي عبد الله الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، قال: أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: إن سعد بن معاذ قد مات. فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب (4)، فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره، تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لحده وسوى اللبن عليه وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه. فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد، هنيئا لك الجنة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم سعد مه، لا تجزمي على ربك، فإن سعدا قد أصابته ضمة.

قال: فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء؟ فقال (صلى الله عليه وآله): إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة؟ قال: كانت يدي في يد جبرئيل (عليه السلام) آخذ حيث يأخذ. قالوا: أمرت بغسله، وصليت على جنازته ولحدته في قبره، ثم قلت: إن سعدا قد أصابته ضمة؟ قال: فقال (صلى الله عليه وآله): نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء.

 

سعد بما له من فضل إلا أنه كان سيء الخلق مع أهله ولسوء هذا العمل والفعل والذنب الذي كان يصدر منه في حياته أصابته ضمة القمر.

 

إذاً لا تتصور أن أثر الذنب أثر آني،

ولدينا دعاء العديلة يذكره الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان ويقرأه المرء والمؤمن ليأمن من العديلة عند الاحتضار لأن المؤمن اذا احتضر قعد عنده شيطانين أحدهما على يمينه والآخر على يساره، الأول يأتي بصورة أبيه على يمينه يدعوه للنصرانية والثاني يأتي بصورة أمه يدعوه على اليهودية.

والروايات المروية عن أهل البيت تشير إلى أن من كان مؤمنا لم يقدر عليه الشيطان.

ينبغي للمؤمن أن يحذر من اقتراف الذنوب والمعاصي لكيلا تنعكس على خاتمته عند الاحتضار أو في القبر أو ما بعد القبر.

 

  • العامل الثاني: حب الدنيا والتعلق بها.

هناك كلاما كلاسيكيا يردده البعض بأن الدين لا يحبذ للإنسان جمع الأموال، ولكن هذا الكلام خاطئ فلو كان صحيحا لما أمرت الروايات للمرء أن يوسع على عياله ولا يهتم بجمع الأموال، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي على المؤمن أن يبالغ في الاهتمام بجمع الأموال وقد اختصر أمير المؤمنين عليه السلام عن جمع المال والاهتمام بالدنيا بـ: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.

إذاً الاهتمام بالدنيا لا يكون على حساب الغفلة عن الآخرة لتعيش التوازن فلا افراط ولا تفريط.

 

إذا بالغت في التعلق بالدنيا عميت عيناك عن الآخرة فكانت خاتمتك خاتمة سيئة،

وفي هذا المورد يذكرون أن هناك رجلاً أبدى بسالة ما تعود المسلمون منه وأبدى شجاعة منقطة النظير في إحدى المعارك، وقد ثارت الغبرة تحت رجليه وهو يقاتل والمسلمون يبدون إعجابهم إلى أن قتل ذلك الرجل في أرض المعركة وصار المسلمون يغبطونه على ما فعل.

فهناك من قال إنه من أهل الجنة وهناك من قال الآن تعانقه الحور العين.

ولكن رسول الله رد عليهم وكما يروى عنه (ص): "هذا شهيد الحمار، لان هذا حينما رأى المسلمين يذهبون الى المعركة، خرج معهم طمعاً في حمار كان في جبهة العدو ولكن الدائرة دارت عليه فقتله صاحب الحمار وهكذا خسر دنياه واخرته.

 

وهل هناك خاتمة أسوأ أن تموت فيها لخاطر الحمار؟

هكذا هو حب الدنيا

 

  • العامل الثالث: تمكن الرذائل الأخلاقية في النفس

أن تكون حسودا، أن تكون حقودا، أن تكون منافقا،

أن تكون من أولئك الذين يتهمون المؤمنين ويبهتونهم.

 

 

بن أبي العَزاقِر الشلمغاني من أصحاب الإمام الحسن العسكري ومن محدثي الشيعة الذين عاشوا في عصر الغيبة الصغرى،

وكما نعلم أن سفراء الإمام المهدي في عصر الغيبة الصغرى هم أربعة سفراء،

وواحد من أولئك السفراء هو الحسين بن روح، وكانت لحسين بن روح علاقة مع الشلمغاني،

الحسين بن روح كلف بن أبي العزاقر الشلمغاني أن يشرف على مدينة بغداد ولكن الشلمغاني كان يرى في نفسه من الأهلية ما يكون مستحقا لمنصب السفارة دون الحسين بن روح،

ولما اشتد حسد الشلمغاني قال أنا السفير بل بالغ في ذلك فقال إن الله يحل في أجساد البشر وأن الذات الإلهية حلت في جسدي.

في ونهاية المطاف صدر توقيع من الإمام المهدي بلعنه والحكم بضلالته.

إن محمّد بن علي المعروف بالشلمغاني - وهو ممن عجّل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتد عن الإسلام وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعى ما كفر معه بالخالق جلَّ وتعالى وافترى كذباً وزوراً وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالًا بعيداً وخسروا خسراناً مبيناً. وإننا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله - صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم - بمنّه ولعنّاه، عليه لعائن الله تترى في الظاهر منّا والباطن في السرّ والجهر، وفي كل وقت وعلى كل حال وعلى من شايعه وبايعه أو بلغه هذا القول منّا وأقام على توليه بعده. وأعلمهم - تولّاكم الله - أنّا من التوقي والمحاذرة منه على ما كنّا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم وعادة الله جلَّ ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإيّاه نستعين وهو حسبنا في كل أمورنا ونعم الوكيل..

 

كل هذا بسبب رذيلة الحسد،

الرذائل الأخلاقية هكذا مؤداها ونتائجها.

 

3- المحطة الثالثة: عوامل حسن الخاتمة.

  • العامل الأول: الاهتمام بالمستحبات والسنن
  • عن رسول الله (ص): " المداومة على العمل في اتباع الآثار والسنن وإن قل، أرضى لله وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتباع الأهواء".

 

ثقافة الاهتمام بالمستحبات والسنن نجدها أنها فقدت بمساحة كثيرة من الناس سيما الشباب،

ترى البعض منهم يدخل إلى المسجد فلا يؤذن ولا يقيم، يشرع في الصلاة بتكبيرة الإحرام وإذا انتهى يبادر إلى وضع التربة الحسينية في مكانها وينصرف!

أين تسبيح السيدة فاطمة الزهراء (ع)؟ وأين التعقيب؟ وأين ذكر أسماء الأئمة ؟ وأين سجدة الشكر؟

كل هذه المستحبات والسنن لها أثر على حسن العاقبة، وتركها هذه خسارة لا بد أن تلتفت إليها وتعمل على تداركها.

لما كنا صغاراً كان آباؤنا وأمهاتنا عندما يعلموننا الصلاة وكنا لا نفرق بين الواجب والمستحب،

وكنا نتعامل مع التسبيح أنه واجب، ونتعامل مع سجدة الشكر على أنها أمر واجب، وذكر الأئمة هو أمر واجب.

ولذلك ينبغي على المعلمين بعد إبداء بالغ التقديم والشكر أن يهتموا بثقافة الآداب والسنن ويعلمونها أولادنا على أنها مستحب مؤكد ولا ينبغي تركها.

 

  • العامل الثاني: الارتباط بالقرآن الكريم

تحدثنا سابقاً عن سبل الارتباط القرآن الكريم وهنا نشير إلى أنه قد ورد الحث على قراءة القرآن الكريم يوميا ولو بمقدار خمسين آية فله أثره البالغ في حسن العاقبة فلا تفرطن في الاعتناء بكتاب الله.

 

  • العامل الثالث: حب أمير المؤمنين (ع)
  • عن النبي الأعظم (ص) في الرواية عنه وهو يخاطب أمير المؤمنين (ع): " ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والاِيمان وآمنه يوم الفزع الاَكبر.

 

يروي محمد بن نعمان، أنّه قال: دخلت عليه في مرضه بالكوفة، فرأيته وقد اسودّ وجهه وازرقّ عيناه وعطش كبده، فدخلت على الصادق عليه السلام وهو يومئذ بالكوفة راجعاً من عند الخليفة، فقلت له: جعلت فداك إنّي فارقت السيد بن محمد الحميري وهو على أسوء حال من كذا وكذا. فأمر بالإسراج وركب، ومضينا معه حتى دخلنا عليه، وعنده جماعة محدقون به. فقعد الصادق عليه السلام عند رأسه، فقال: يا سيدّ! ففتح عينيه ينظر إليه، ولا يطيق الكلام. فحرّك الصادق عليه السلام شفتيه، ثم قال له: يا سيد! قل بالحق يكشف الله ما بك، ويرحمك، ويدخلك جنته التي وعد أوليائه، فقال في ذلك:

تَجَعفَرتُ باسم الله والله أكبر         

وأيقنتُ انّ الله يعفو ويغفِر

ودِنتُ بدينٍ غير ما كنت دايناً       

به ونهاني سيد الناس جعفر

 

وفي الرواية: حدّثني أبو سعيد، محمد بن رشيد الهروى، قال: حدّثني السيّد وسماه وذكر أنّه خير، قال: سألته عن الخبر الذي يروى: أنّ السيّد اسودّ وجهه عند موته، فقال: ذلك الشعر الذي يروى له في ذلك ما حدّثني أبو الحسين بن أيوب المروزى، قال: روى أنّ السيّد إبن محمد الشاعر اسودّ وجهه عند الموت فقال: هكذا يفعل بأوليائكم ياأمير المؤمنين؟ قال: فأبيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر، فأنشأ يقول: أحبّ الذي من مات من أهل ودّه تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك‏ ومن مات يهوى غيره من عدوّه فليس له إلاّ إلى النار مسلك‏ أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي ومالي وما أصبحت في الارض أملك‏ أبا حسن إنّي بفضلك عارف وإني بحبل من هواك لممسك‏ وأنت وصيّ المصطفي وإبن عمّه فإنّا نعادي مبغضيك ونترك‏ فليس ل أبا حسن تفديك نفسي وأسرتى‏ ومالي وما أصبحت في الارض أملك‏ أبا حسن إنّي بفضلك عارف‏ وإني بحبل من هواك لممسك‏ وأنت وصيّ المصطفي وإبن عمّه‏ فإنّا نعادي مبغضيك ونترك‏ فليس لمواليك ناج مؤمن بين الهدى وقاليك معروف الضلالة مشرك‏ ... الخ

Read 788 times

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.