مفهوم العفاف والعلاقات المحرمة،
نقف في مجموعة من المحطات:
1- المحطة الأولى: الإمام المهدي في دعائه يدعو: وتفضل .... وعلى النساء بالحياء والعفة فما هو معنى العفاف؟
الناس يتباينون في فهم معنى العفاف،
فهناك جماعة تقول أن العفاف مفهوم موضعه القلب والنفس فهو أمر باطني ولا شغل له بالظاهر ولا شغل له باللباس ولا بالهندام ولا بالستر!
تجد امرأة تسمح للخياط الأجنبي أن يأخذ عليها القياس، أو تسمح لذلك الأجنبي أن يأخذ القياسات على ابنتها!
لماذا تسمح تلك المرأة للأجنبي بأخذ القياسات عليها ؟ أوليس هذا خلاف العفة ؟
قالت هذا ليس خلاف العفة لأن مفهوم العفة محله النفس والباطن ولا شغل له بالسلوك ولا باللباس ولا بالستر.
وهناك جماعة تقول أن العفاف مرتبط بالوضع الخارجي وبالستر واللباس والهندام ولا ربط له بالقلب.
إذاً الجماعة الأولى تقول أن العفة أمر باطني
والجماعة الأخرى تقول إن العفة أمر خارجي.
ما هي الرؤية الإسلامية لمفهوم العفاف ؟!
العفة أمر باطني له انعكاس على الوضع الخارجي وله جنبتان هما الجنبة الباطنية والجنبة الخارجية، فما الدليل على صحة الرؤية الإسلامية في العفة ؟
قال تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
القرآن يستثني شريحة من الناس في تخفيف الحجاب وهن النساء اللاتي وصلن إلى سن فقدن فيه جاذبيتهن الأنثوية فلا هي ترجي النكاح ولا أن الرجال يطمعون فيها ولكن بشرط ألا تكون متزينة.
اذا الشرطان هنا هما بلوغ المرأة السن الكبير وألا تكون متزينة ولكن الأحسن لها أن تبقي الحجاب على رأسها (وأن يستعففن خير لهن).
هذا سلوك خارجي وقد عبر عنه القرآن الكريم عنه بأنه عفة.
قال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
مثال: شاب وصل إلى عمر الزواج وليس عنده مال يؤهله للزواج ونفسه تحدثه في الزواج! القرآن الكريم يقول له فليستعفف (يعيش العفاف الباطني فيمنع نفسه من النظر إلى بنات الناس).
هذا العفاف عفاف باطني.
إذا العفاف لا بد أن ينعكس على سلوك المرأة الخارجي فتهتم بلبسها وسترها.
- المحطة الثانية: رؤية الحداثيين
الحداثيين يتبنون مفهوم أن العفة أمر باطني، والدليل ؟!
قالوا كم من المحجبات سلوكها سلوك غير نظيف وسيرتها سيرة غير نظيفة ؟ وبالعكس هناك من غير المحجبات من سلوكها أفضل من سلوك المحجبة وسيرتها أفضل من سيرة المحجبة !.
الحداثيون يطالبون خلع الحجاب احتجاجا ببعض المحجبات اللاتي سلوكهن سلوك غير نظيف، وسيرتهن خالية من العفة وهم يقولون أن الحجاب قطعة قماشية لا ربط لها بالعفاف.
في مقام الرد نشير إلى أمرين هما:
- الأمر الأول: أن الحجاب شرعه الإسلام كحجاب موحد على كل النساء وليس على نساء دون نساء.
وظاهرة اللباس الموحد تجدها على مستوى العالم في كثير من المهن، فطلبة العلم لهم لباس موحد والأطباء لهم لباس موحد وكذلك الجنود.
فهل يقبل أي عاقل إذا أساء معمم إلى العمامة أن يطلب من كل المعممين خلع عمائمهم ؟ أو أن يطلب من كل الأطباء أن يخلعوا الزي الموحد إن كان هناك من الأطباء من أساء إلى الزي ؟ أو هل يقبل من جميع الجنود نزع اللباس الموحد إن كان هناك جندي بينهم خان الجيش الذي ينتمي إليه ؟.
- الأمر الثاني: الحداثيون يقولون أن العفر أمر باطني ومحلها النفس وأن الحجاب التي تضعه المرأة لا قيمة له ولا ربط له بالعفة!
نفهم من ذلك أن كل اللباس الذي يلبسه الإنسان لا قيمة له ! نقول لهم جربوا أن تخرجوا عراة في الشارع!
هم يريدون أن يساوون بين الإنسان والحيوان،
الإنسان له عورة.
وقد قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
ولنا في قصة موسى مع ابنة شعيب خير مثالاً للعفة:
جاءته إحداهما تمشي على استحياء فقالت له: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ، فقام موسى وتقدمته وهو يتبعها ، فهبت ريح فألزقت ثوب المرأة بردفها ، فقال لها : امشي خلفي ودليني على الطريق ، فإن أخطأت فارمي قدامي بحصاة ، فإنا بني يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء ، فنعتت له الطريق إلى منزل أبيها ومشت خلفه حتى دخلا على شعيب.
والغريب جداً أننا في دولة بل دول إسلامية لا يوجد فيها من القوانين والقرارات والمراسيم ما يمنع أو يضيق في لبس الحجاب ومع ذلك تجد كثيرا ممن يخففن في حجابهن!.
هناك امرأة في ألمانيا تحملت العناء وخاضت معركة في إنهاء حظر الحجاب من أجل أن تمارس مهنها وهي محجبة تدعى بـ افريشتا لودين، وقد استمر عراكها مدة خمسة عشر عاماً.
السؤال المهم: لماذا تطالب الدول الاستعمارية ومن يتبنون الطرح الحداثي بخلع الحجاب أو في تخفيف الحجاب؟
وهذه المطالبات وهذه المفاهيم للأسف البالغ قد انطلت على بناتنا فصرن يتخففن الحجاب ويتسامحن في شأنه!.
الدكتور غلام علي حداد ألف كتاباً بعنوان ثقافة العري أو عري الثقافة ويشير من خلال البحث والدراسة التي درسها إلى أن مواصفات لباس المرأة عند جميع شعوب الأرض عبر التاريخ كانت تشترك في صفتين هما أنه كان طويلا، وكان أيضا واسعا فضفاضاً!.
هناك صور لنساء أوروبية في القرن التاسع عشر يظهرن بألبسة طويلة ومحجبات بل حتى وجوههم منقبة!.
من ينظر للنساء الأوروبيات آنذاك يتعجب ويظن أنهن في دولة مسلمة وبإمكانكم أن تطلعوا على البرامج الوثائقية من خلال البحث عنها.
متوهمة تلك الفتاة التي تدعي أنه لا حاجة لها بستر جسدها،
هي متوهمة لأن طبيعة جسدها تبعث على اغراء الرجل.
أكثر الدعايات العنصر الغالب فيها النساء، وبرامج الاغراء نجد أن العنصر الحاضر فيها النساء أيضا!.
بعض النشاء يعشن الوهم (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ).
في الاستعمار الفرنسي الجزائري كانت فرنسا تستهدف دين الجزائريين وقد قالوا للجزائريين إذا أردتم أن تكونوا متقدمين ديمقراطيين فلتنزع نساؤكم الحجاب.
إذا تخلت المرأة عن الحجاب لكان ذلك مقدمة لتضعضع صرح الدين فمن السذاجة أن هؤلاء يبحثون حن حرية المرأة ومساواتها مع الرجل ونقول ما هو ذلك إلا مفتاح للوصل من خلاله إلى ما هو أمر من ذلك.
3- المحطة الثالثة: بعض الحالات والممارسات المناهضة للعفة في مجتمعنا.
- واجهات الصالونات النسائية: نجد ظاهرة منشرة في مجموعة من القرى وهي صور النساء المتبرجات على واجهات الصالونات النسائية بأحجام كبيرة وكما يقال أن حتى الأعمى يراها !
إن أردت فتح صالونا نسائيا في القرية فلماذا وضع تلك الصور ؟! الأولاد يرون تلك الصور عند ذهابهم إلى المدرسة وعودتهم منها وهذا بالطبع يؤثر على سلوك أولادنا وبناتنا لأنه هذه الصور تكون مستساغة عنهم بعكس فيما سبق كان الإنسان يتورع عن النظر إليها.
- الملابس الداخلية: الملابس الداخلية تعرض أمام الملأ في المحلات والمجمعات فينظر إليها الشاب كلما دخل ذلك المجمع!!. وهذا يساعد على اضعاف مفهوم العفة وثقافتها في مجتمعاتنا.
- لباس الجاليات الأجنبية: منذ متى نرى امرأة تتجول في القرية أو أن تذهب إلى البقالة وهي بلباس فاضح! منذ متى قرانا تضج وتعج بهذه الصور !؟
الشارع الرئيسي لقرية داركليب شارع تجاري ومثل هذه المشاهد تتكرر في كل يوم عدة مرات فلماذا لا نوصل ثقافتنا إلى هذه الجاليات بأسلوب مؤدب ولين يكشف عن خلق الدين حتى نحافظ على تقاليدنا وأعرافنا.
فما الضير أن تعلق لوحات بلغاتهم تدعوهم إلى تعاليم الدين.
- توظيف الفتيات الجميلات: نجد البعض إذا أراد أن يفتح مطعما يوظف له فتيات جميلات من الجالية الأجنبية من أجل كسب الزبائن!
ومن هنا نرى أن تكثيف الثقافة التربوية على بناتنا وأولادنا يضعف يوماً بعد يوم!
ناهيك عن الأجهزة الذكية والقنوات الفضائية التي فتحت أعينهم على عالم لا ينسجم مع تقاليدنا!
تجد أن الأب مثلاً يعطي ابنه الجهاز الذكي من دون رقيب ولا حسيب وعندما تسأله يقول ليس لدي مزاج بأن أراقبه فيتخلص من مشاغبة الابن بإعطائه الجهاز من دون رقابة.
أيضا هناك من المسلسلات الكرتونية ما تعرض اللقطات الإباحية وهناك من تلك المسلسلات ما تعلم أبنائنا عن عدم وجود الله والعياذ بالله.
- حالة التزين المفرط عند بعض الفتيات: بعض الفتيات عندما تذهب إلى الجامعة تتزين وكأنها ذاهبة إلى حفلة زواج أو إلى عرض أزياء.
- الزي المدرسي: هناك من الفتيات من تطلب من الخياط أن يفصل لها لباساً يحجم الجسد ويظهر المفاتن.
في السابق كنا نتحدث عن أهمية الحجاب وأيهما تلبس هل عباءة الرأس أو عباءة الكتف وما هو شروط لباس عباءة الكتف!
اليوم ترقينا فصرنا نحتاج إلى الحديث عن أصل وجوب الحجاب بينما في السباق بالنسبة للكثير وجوب الحجاب أمر مسلم.
- حالات التواصل بين الفتيات والشباب: الحب الغرامي الذي يدعو إلى المفاسد في التسامح في الحجاب
ومن هنا ندعو إلى فتح باب الزواج المبكر لشبابنا لأن الزواج صار يمثل عبئاً على الكثير من الشباب فلربما يبقى ذلك الشاب رهينة تلك الحاجة لعشر سنوات حتى يكون نفسه من الجهة الاقتصادية وفي ظل هذه المغريات قد يقع في الحرام والعياذ بالله.
لو سهلنا الاشتراطات الصعبة والمرهقة لكنا سبباً في تحصين مجتمعاتنا الإيمانية!
أنا أرغب أن أزوج ولدي في سن التاسعة عشر أو في سن العشرين ولكن التقاليد والأعرف تقف حجرا أمام رغبتني وهذه دعوة لكل المجتمع بأن يتحملها وهو تسهيل فتح هذا الباب.
ينحرف بعض شبابنا للأسف البالغ بسبب الأعباء الثقيلة وبسبب الوضع الذي نعيشه بسبب التسامح في الحجاب وما تلبسه بعض الفتيات من اللباس المغري.