Friday, 16 April 2021 21:31
ملخص محاضرة الليلة الرابعة من شهر رمضان 1442 - سماحة الشيخ عبدعلي آل ضيف
♻️ خصوصية مفردات الأدعية ♻️
ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
اللهم قربني فيه إلى مرضاتك وجنبني فيه من سخطك ونقماتك ووفقني فيه لقراءة آياتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
الدعاء الشريف هذا هو واحد من أدعية شهر رمضان المبارك والتي أوردتها مجموعة من كتب الأدعية والمستحبات منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكلامنا في رحاب هذا الدعاء يكون من خلال الوقوف في محطات ثلاث:
? 1- المحطة الأولى: النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقول في مطلع الدعاء: اللهم قربني فيه إلى مرضاتك،
والمرضات كما يقول علماء اللغة بمعنى الرضا يعني اللهم اجعلني قريبا من رضاك.
وجنبني فيه من سخطك أي لا تغضب علي، ومن المعلوم أن الغضب له مراتب، وذروة الغضب الإلهي يسمى السخط.
⁉️ السؤال الذي يطرح نفسه: كيف أن الله سبحانه وتعالى له رضا وغضب ؟!
من المعروف والمعلوم أن الرضا والغضب يوجب تغييرات على النفس فقد يمسي الإنسان غاضبا ويصبح راضيا!
وأما الله سبحانه وتعالى هو منزه عن ذلك لأنه واجد الوجود.
إذن ما معنى أن لله رضا، ولله غضب؟
في جواب ذلك هنالك تفسيرين:
? - التفسير الأول قالوا أن الرضا الإلهي بمعنى الثواب وأن الغضب الإلهي بمعنى العقاب، وليس معناه تلك المشاعر أو تلك التغيرات التي تطرأ على النفس.
• ورد عن محمد بن عمارة أنه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، فقلت له: يا ابن رسول الله أخبرني عن الله عز وجل هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.
? - التفسير الثاني: الله سبحانه وتعالى خلق له أولياء بمثابة المرآة، فغضب الله غضبهم ورضاه رضاهم.
رضا الله بمعنى رضا أوليائه، وغضب الله غضب أوليائه.
? 2- المحطة الثانية: ووفقني فيه لقرآءة آياتك.
المستحبات في شهر رمضان المبارك هل هي منحصرة في تلاوة القرآن الكريم ؟!
أنت من خلال إطلالة عامة وعاجلة على كتب الأدعية والمستحبات في شهر رمضان المبارك تجد أن هناك أعمال كثيرة وأدعية ومستحبات وطاعات فكل يوم له دعاء بل وهناك بعض الأعمال تكررها كل يوم في شهر رمضان المبارك.
لماذا نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تلاوة القرآن الكريم ؟
يقول كما ورد عنه صلى الله عليه وآله في خطبته: " وَ مَنْ تَلَا فِيهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ".
لو وفقت لقراءة ختمة في شهر رمضان لكان لك أجر ستة آلاف ومائتي ختمة في سائر الشهور بل وأكثر من ذلك،
هل من عاقل يضيع أو يفرط عليه هذه الفرصة.
عن الباقر (ع): " لكلّ شيءٍ ربيعٌ ، وربيع القرآن شهر رمضان".
إذن هذه العلاقة المتميزة والضيافة المتفردة على مستوى القرآن الكريم تدعوك لمعرفة هذا السؤال:
كيف لي أن أستثمر هذا الأمر ؟
هناك ثلاث مراحل متى ما التزم بها الإنسان استطاع أن يعمق ارتباطه بالقرآن الكريم.
? ١- المرحلة الأولى: المعرفة العقائدية.
قراءة سيرة الأئمة الطاهرين عليهم السلام، ومعرفة كيف كان تعاملهم مع القرآن الكريم في شهر رمضان فقد وردت الروايات أنهم كانوا يختمون ما بين أربعين إلى خمسين ختمة في الشهر أي على أقل تقدير ختمة وثلث في كل يوم،
وكذلك معرفة وتتبع معاملة العلماء والمراجع مع القرآن الكريم.
السيد عبدالأعلى السبزواري صاحب تفسير مواهب الرحمن يقولون أنه كان يحفظ القرآن الكريم كل ثلاثة أيام في شهر رمضان الكريم،
ونحن بأنفسنا رأينا بعض الشباب في اعتكافهم يختمون القرآن الكريم فترة اعتكافهم وهي ثلاثة أيام أي ما معدله عشرة أجزاء في اليوم الواحد.
إذا أدركت مستوى التميز في تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان وعرفت الأجر وعرفت كيف أن الأئمة عليهم السلام يتعاملون مع القرآن في هذا الشهر وكذلك العلماء فإنه بلا شك ولا ريب سيكون هذا الأمر دافعا لك في المرحلة الثانية من تعميق الارتباط بالقرآن الكريم.
? ٢-المرحلة الثانية: تربية الذات:
أنت كشاب ما هي علاقتك بالقرآن الكريم ؟
كم من الوقت تهدره وكم تمر عليك أوقات الانتظار من دون فائدة،
السيد البروجردي كان يقول للشباب لماذا تضيعون أوقات الانتظار في الحديث مع بعضكم البعض، وكان يذكر أن استطاع ان يحفظ اثني عشر جزءا من القرآن الكريم في أوقات الانتظار.
أنت كشاب لماذا لا تشتري لك مصحفا بحجم الجيب،
تقرأ من ذلك المصحف وقت انتظار موعدك في المستشفى أو انتظار دورك في البنك أو في أي دائرة من الدوائر الحكومية وغيرها،
الهواتف الذكية مساوئها أكثر من فوائدها وواحدة من فوائدها هي وجود العديد من التطبيقات المتعلقة بالقرآن الكريم،
إن كنت لا تحمل مصحفا اقرأ من الهاتف.
ولربما لسائل أن يسأل أيهما أفضل القراءة من الهاتف أم من المصحف؟ بلا شك ولا ريب القراءة من المصحف أفضل من الهاتف، ولذلك اجعل هذا المحصف التي تحمله مختلفا عن المحصف الذي في منزلك وعندما تقوم هذا الأمر ستجد نفسك أنك قطعت شوطا كبيرا في تعاملك مع القرآن الكريم.
هل تخصص وقتك للقرآن أم تعطيه الفاضل من وقتك؟
تحتاج أن تتعامل مع القرآن الكريم كما تتعامع مع الصلاة، وإن أردت لتلاوتك أن يكون لها ثوابا أكبر من ذلك حاول أن تعكس أخلاقك،
فليس من المعقول أن تقرأ عن الصدق وأنت أكذب الكاذبين أو أن تقرأ عن الوفاء والعهد وأنت لا وفاء ولا عهد لك،
وليس من المعقول أن تقرأ عن الأمانة وأنت تمارس السرقة!.
ينبغي للمرء أن تكون لديه ختمة تدبرية يقف فيها عند بعض الآيات فيرجع للتفاسير المختصرة، ويرجع للعلماء المختصين ويسألهم.
هناك نصائح ذهبية من المرجع السيد السيستاني من ضمنها:
وينبغي للمرء أن يأنس بكتبٍ ثلاثة يتزوّد منها بالتأمّل والتفكير:
أوّلها وأولاها : القرآن الكريم فهو آخر رسالة من الله سبحانه إلى خلقه وقد أرسلها إليهم ليثير دفائن العقول ويفجّر من خلالها ينابيع الحكمة، ويليّن بها قساوة القلوب، وقد بيّن فيها الحوادث ضرباً للأمثال، فعلى المرء أن لا يترك تلاوة هذا الكتاب على نفسه، يُشعرها أنّه يستمع إلى خطاب الله سبحانه له، فإنّه تعالى أنزل كتابه رسالة منه إلى جميع العالمين. وثانيها : نهج البلاغة فإنّه على العموم تبيين لمضامين القرآن وإشاراته بأسلوب بليغ يُحفّز في المرء روح التأمل والتفكير والاتّعاظ والحكمة. فلا ينبغي للمرء أن يترك مطالعته كلّما وجد فراغاً أو فرصة، وليشعر نفسه بأنّه ممّن يخطب فيهم الإمام (عليه السلام) كما يتمنّاه، وليهتمّ برسالته (عليه السلام) إلى ابنه الحسن (عليه السلام) فإنّها جائت لمثل هذه الغاية. وثالثها : الصحيفة السجّادية فإنّها تتضمّن أدعية بليغة تستمدّ مضامينها من القرآن الكريم وفيها تعليم لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من توجّهات وهواجس ورؤى وطموح، وبيان لكيفيّة محاسبته لنفسه ونقده لها ومكاشفتها بخباياها وأسرارها، ولا سيّما دعاء مكارم الأخلاق منها.
? ٣-المرحلة الثالثة: تعامل الأم والأب مع أبنائهم في سبيل الارتباط بالقرآن الكريم
أنتَ كأب أو أنتِ كأم ما هي طريقة تعاملكما مع أولادكم بالقرآن الكريم ؟!
بعضنا للأسف البالغ يصل عمره إلى العشرين أو أكثر ولا يستطيع أن يقرأ صفحة واحدة من بدون خطأ رغم أن لغته هي اللغة العربية بينما تجد من لغته الأم ليست اللغة العربية لكنه يقرأ أفضل بكثير من بعض شبابنا.
لدينا نعمتان الأولى هي أن لغتنا الأم هي اللغة العربية، والنعمة الأخرى هي توفر الوسائل والأماكن وأدوات التعليم
هناك الكثير من يتعلم تحت أشعة الشمس ورغم شحة الأدوات التعليمية لديهم إلا أنهم قطعوا مراحلاً كبيرة في تعلم القرآن الكريم،
أنت كأب وأنت كأم ما هي الخطوات التي من المفترض أن تقوما بها في سبيل ربط الأولاد وتربيتهم على الارتباط بالقرآن الكريم ؟
? ١-إشاعة الجو القرآني في البيت
ما المانع أن تضع على محطة القرآن الكريم وتجعل طفلك يستمع القرآن وهو يلعب ؟
السيد محمد الطباطبائي هو شاب يافع من طلاب الحوزة العلمية الآن وسبق قبل سنوات عديدة أن ظهرت أعجوبته وهي حفظه للقرآن الكريم وهو طفلا،
وقد أجريت مقابلة مع أبيه وسألوه كيف تمكنتم من صنع هذا الابن ؟ قالوا أن أمه كانت تحرص على استماع القرآن الكريم منذ أن كانت حاملاً به.
?٢- استثمار غريزة التقليد:
الكثير يصلي منا ويجد طفله يقلده رغم عدم الطلب من الطفل أن يصلي،
تجد الطفل يأخذ التربة الحسينية ويقلد أباه في ركوعه وسجوده، وكذلك الطفلة تقلد أمها باستخدامها لأدوات الزينة والمكياج،
وذلك لأن الطفل فطر على غريزة التقليد.
والدة السيد محمد الطباطبائي كانت تصطحبه أثناء مشاركتها في جلسة قرآنية في حفظ الجزء الثلاثين من القرآن الكريم،
كان السيد محمد الطباطبائي وهو طفل يسمع من أمه فصار يلعب ويردد ما يسمعه.
المطلوب منكَ كأب ومنكِ كأم إن أردتم أن تقرأوا القرآن الكريم أن تختاروا مكانا قريبا من لعب الطفل.
? ٣- تطوير وتنمية القاموس القرآني.
البعض يخرج من ولده في سياحة مثلا فيسأله كيف تنطق كلمة السماء باللغة الإنجليزية، وكيف تنطلق كلمة الأرض والأشجار والطير، فإذا سأله عرف الطفل وإن لم يعرف الطفل عرفه شيئا فشيئا.
لماذا لا تستخدم هذا الأسلوب مع ابنك في القاموس القرآني ؟!
فمثلاً إذا خرجت مع ولد اسأله كلمة السماء كم مرة ذكرت في القرآن الكريم أو أعطني آية ذكرت فيها كلمة السماء، وكذلك كلمة الأرض أو الشجر أو الطير ..الخ.
٤- اشراك الطفل في مختلف المسابقات القرآنية
نحن ولله الحمد لدينا جمعيات متخصصة في القرآن الكريم كجمعية اقرأ وجمعية الذكر الحكيم،
جمعية اقرأ تبث في كل يوم برنامجا خاصا للأطفال على قناتها فلماذا لا أدعو أولادي لمشاهدة تلك البرامج؟!
هل تعلم أن هناك من المشاركين من هم من خارج البحرين ؟ يأتون من الخارج
تجد الأب يخرج من دوامه فيصطحب طفله ويأتي من القطيف أو سيهات فيعبر الجسر ويأتي لمحل الفعالية لحين انتظار ولده وعند الانتهاء من مشاركة ولده يرجع لوطنه!
رغم البعض يعلم أن ولده ليس مؤهلا للفوز أو المنافسة إلا أنه يجلبه لأنه يريد منه أن يرتبط بالقرآن الكريم
مجرد اشراكه يوجد ارتباطاً بالقرآن لاكريم.
?- 3 المحطة الثالثة: النبي ختم الدعاء ب: برحمتك يا أرحم الراحمين
لماذا هذه العبارة على وجه الخصوص؟ لماذا لم يقل برحمتك يا رحمن أو برحمتك يا رحيم؟
هذه العبارة لها مدخليتها في استجابة الدعاء، وعندما تفتش تجد الكثير من الأدعية تختم بهذه العبارة.
روي عن النبي (ص): " إن لله تعالى ملكا موكلا بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل".
ومن هنا يدعون هذا الأمر إلى التطرق إلى خصوصية مفردات الأدعية.
بأي معنى يكون ذلك ؟!
الدعاء لما يكون واردا عن الإمام المعصوم فهو كالدواء بمكوناته الخاصة،
الطبيب يعطيك الدواء ويعدك بالشفاء إذا شربت الدواء كما هو فإذا كنت تريد الثواب فعليك أن تقرأ الدعاء كما ورد عن المعصوم لا أن تغير فيه أو تزيد فيه أو تنقص منه شيئا لأنك إذا بدلت شيئا قرأت دعاء من تأليفك.
فمثلاً تسبيح السيدة فاطمة الزهراء عليه السلام: الله أكبر 34 مرة، الحمدلله 33 مرة، سبحان الله 33 مرة،
هل يصح لك أن تزيد في التسبيح وتكرره 40 مرة ؟ الإجابة بالقطع لا يصح ولا يحق لك لأنك إذا زدت وكررت يقال أنك سبحت لله ولم تسبح تسبيح السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.
الثواب الموعود تحظى عليه إذا التزمت بتسبيح الزهراء كما هو، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للدعاء.
الأئمة عليهم السلام أرشدوا شيعتهم إلى عدم التغيير:
عن عبدالله بن سنان قال : قال أبوعبدالله: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ، ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلا من دعاء بدعاء الغريق ، قلت : وكيف دعاء الغريق؟ قال : تقول : «يا الله يا رحمن يا رحيم ، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فقلت «يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك» فقال : إن الله عز وجل مقلب القلوب والابصار ولكن قل كما أقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
هذا بالإضافة إلى أن الدعاء فيه حيثية العبادة والعبودية،
بعض القراء جزاهم الله خيرا عندما يقرأون الدعاء يأتون بأبيات الرثاء وسط الدعاء فما هو الحكم في ذلك ؟
الفقهاء يذكرون حالتين لهذا الأمر:
الأولى أن تكون هذه الأبيات بعنوان الورود وهذا لا يجوز لأنه من الكذب على المعصوم، ولله الحمد لا يوجد من قرائنا من يقرأ بهذا القصد
والحالة الثانية أن يؤتى بهذه الأبيات بعنوان ذكر الحسين وهو أمر حسن في ذاته وبعنوان ترطيب القلوب وذرف الدمعة،
وهذا الأمر لا نقول أن فيه إشكال أو غير جائز ولكن إن كنت تسأل عن الأفضل فالأفضل أن تقرأ الدعاء كما ورد فيمكنك أن تؤخر الأبيات إلى ما بعد الدعاء أو أن تقدمها قبل الدعاء.
هو ليس حراما وإنما الأفضل تقديم الأبيات أو تاخيرها.
بعضنا للأسف الشديد إذا قرأ أضاف شيئا من عنده، فمثلا في دعاء يا من أرجوه لكل خير كما ورد عن الإمام الصادق في نهاية الدعاء هو دعاء ، يَا ذَا الْمَنِّ وَ الطَّوْلِ ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلَى النَّارِ،
البعض يأتي ويقول حرم شيبتي وشيبة والدي على النار !! أترى أنك أحرص على والديك من الإمام الصادق عليه السلام ؟
أو من يزيد في دعاء كميل: اللهم ومن كادني فكده فيقول اللهم ومن كاد الإسلام فكده !
أترى أنك أحرص على الإسلام من الإمام المعصوم ؟!
الدعاء له تركيبته الخاصة فلا يحق لك العبث بمفردات الأدعية، فأسنان المفاتيح مثلا عندما تغير عليها وإن التغيير تغييرا طفيفا فلن تفتح لك ولن تعمل كما ينبغي.
إذاً إن أردت أن تحظى على ثواب الأدعية فلتقرأها كما وردت.
Leave a comment
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.