Thursday, 15 April 2021 21:28
ملخص محاضرة الليلة الثانية من شهر رمضان 1442 - سماحة الشيخ عبدعلي آل ضيف
*♻️ صفات أصحاب المهدي بن الحسن (ع) ♻️*
قال تعالى: (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
الإمام الباقر (ع) يطبق هذه الآية المباركة على أصحاب المهدي بن الحسن (ع) من باب تطبيقها على بعض مصاديقها فيقول كما ورد عنه:
"أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا " يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا، قال: وهم والله الأمة المعدودة قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف.
والقزع هنا بمعنى السحاب الذي يكون متفرقاً متباعداً متشتتاً عن بعضه البعض؛
وفي رحاب هذه الآية المباركة يكون حديثنا حول ثلاث نقاط.
1- النقطة الأولى: أهمية معرفة صفات أصحاب الإمام المهدي (ع).
هنا نشير إلى مسألة مهمة وهي أن الشرع المقدس إذا أراد أن ينبه عن قضية من القضايا فإنه يستخدم أسلوبين في التنبيه هما أسلوب التنبيه الكيفي وأسلوب التنبيه الكمي، فما الفرق بينهما ؟
- التنبيه الكيفي: ربما يستخدم الشرع المقدس خطاب أو خطابين أو ثلاثة في قضية ما وبأعدادٍ قليلة ولكن بلهجة شديدة ومخيفة ومرعبة.
على سبيل المثال: قضية الربا
يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...)
هو خطاب واحد ولكن جاء بكيفية مخيفة مرعبة فمن يصر على الربا فإنه يفتح جبهته على محاربة الله جل وعلا ومن هذا الذي له القدرة أن يحارب الله ورسوله ؟!.
عن الإمام الصادق (ع): "درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام".
وفي زمنه عليه السلام وصله خبر أن هناك رجلاً كان يتعامل في الربا فإذا وعظ ونصح وقيل له أن الربا حرام صار يهزأ ويسميه اللبا.
وقد ورد عن أبي بكير أنه قال: بلغ أبا عبدالله الصادق (عليه السلام) عن رجل أنّه كان يأكل الربا ويسمّيه اللبا فقال (ع): لئن أمكنني الله منه لأَضربنّ عنقه.
- التنبيه الكمي:
الشرع هنا لا يكتفي بالحديث في رواية ولا روايتين ولا في ثلاث ولا خمس ولا في عشرين وإنما يتحدث في كمية كبيرة من الروايات تجعل القارئ والمستهدف يقف عندها.
فمثلاً في قم هناك أحد المؤسسات التابعة لمرجعية السيد السيستاني دام ظله الشريف، وقد استطاعت هذه المؤسسة أن تتناول القضية المهدية وأن توصل الروايات الواردة في القضية المهدوية إلى اثني عشر ألف رواية.
هناك لا نتحدث عن مائة أو مائتين ولا ألف أو ألفين وإنما عن اثني عشر ألفا من الروايات ولذلك جاء بعض المحققين فقال لم يتحدث الشرع المقدس في قضية من القضايا بمقدار ما تحدث عن القضية المهدوية.
? من تلك الروايات خمسون رواية تحدثت عن صفات أصحاب الإمام المهدي بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف.
إذاً الشرع المقدس إذا أراد بيان أهمية وخطورة أي قضية ما فإنه يستخدم الأسلوبين في التنبيه هما الكيفي والكمي.
2- النقطة الثانية: أهم صفات أصحاب الإمام المهدي بن الحسن (ع).
لما نستعرض الروايات التي تحدثت عن صفاتهم نجد أنها قد ذكرت عدة صفات ولكن نذكر أهم تلك الصفات ونقف عند ثلاث منها هي:
- الصفة الأولى: الثبات والاستقامة في وجه الفتنة الفكرية والثقافية والعقائدية والاقتصادية.
ورد عن أمير المؤمنين (ع): "وكذلك شيعتنا يميزون ويمحصون حتى تبقى منهم عصابة لا تضرها الفتنة"،
وعن الإمام الصادق (ع): " لا تَخْتَلِفُ أَهْوَاؤُهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِهِم البُلْدَانَ"
للأسف البالغ لدينا بعض الناس من لا يعيش الثبات والاستقامة وإنما تجده خرقة من القماش يحركها الريح كيفما شاءت.
وردت علينا الكثير من الفتن الاقتصادية ومنها ما حصل قبل سنوات عندما راج نوع من أنواع المعاملات الاستثمارية وتوجه البعض إليها بسبب الأرباح الخيالية المغرية،
وقد قالوا عنها الفقهاء والمراجع أن تلك المعاملات فيها ريبة وشبهة !
ما الذي حصل الآن ؟ كثيرون خسروا أموالهم ولا يزالون يدفعون أقساط تلك المبالغ الاستثمارية.
❗ أيضا فتنة شراء الثياب الممزقة إلى شراء الثياب باهظة الثمن وما ذلك إلا بسبب عدم الثبات والاستقامة في سلوك ذلك الإنسان.
الحجاج الثقفي كان يلتذ بسفك الدماء،
وقد روي أن الحجاج بن يوسف الثقفي قال ذات يوم: أحب أن أصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه!!
فقيل له: ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه، فبعث في طلبه فأتي به فقال له: أنت قنبر؟ قال: نعم، قال: أبو همدان؟ قال: نعم، قال: مولى علي بن أبي طالب؟ قال: الله مولاي، وأمير المؤمنين علي ولي نعمتي، قال: أبرأ من دينه، قال: فإذا برئت من دينه تدلني على دين غيره أفضل منه؟ فقال: إني قاتلك فاختر أي قتلة أحب إليك، قال: قد صيرت ذلك إليك، قال: ولم؟ قال: لأنك لا تقتلني قتلة إلا قتلتك مثلها، ولقد خبرني أمير المؤمنين عليه السلام أن منيتي تكون ذبحا ظلما بغير حق، قال: فأمر به فذبح.
لم يكن قنبراً يعيش التزلزل ولم يكن يقبل أن يتنازل عن حبه لعلي عليه السلام،
بعضنا للأسف البالغ متى ما وردت فتنة فكرية كان أول المتأثرين بها بل وكان من المروجين إليها.
البعض منا وللأسف أيضا يحارب كل موروث تعود عليه الناس،
ربما تجد شاباً يكون مغموراً بين الناس ويرى أصحابه ممن هم في سنه يشغلون مناصبا معينة ولهم نشاط مجتمعيا وهو من الكسالى فيتكلم بكلام يستوحشه الناس ليصبح حديث المجالس حتى يصبح شخصية معروفة وهذا ما يريده !!،
فكل فتنة بأنواعها المختلفة تؤثر عليه.
- الصفة الثانية: تهذيب نفوسهم وصقل أرواهم عبر الارتباط بالله عز وجل.
عن الصادق (ع) متحدثا عنهم: لهم بالليل أصوات كأصوات الثواكل حزنا من خشية الله تعالى، قوام الليل صوام النهار.
صلاة الليل وما أدراك ما صلاة الليل ؟!.
ورد عن الإمام العسكري (ع): " إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل"
الجوادي الآملي يقول أن صلاة الليل تفتح باب الحديث مع الله تعالى.
⁉️ رب لقائلٍ من الشباب الأعزاء يقول كيف تدعوننا لصلاة الليل ونحن ممن يلتزم بعمله الرسمي ولا نستطيع الاستيقاظ أو السهر وإذا نمنا في وقت متأخر غلبنا النوم فنتغيب عن العمل.
نقول أن الفقهاء لم يقصروا في ذلك لأنهم قدموا مجموعة من التسهيلات أولها أنه بإمكانك أن تصلي صلاة الليل قبل نومك إن كنت تنام مثلاً عند العاشرة مساء، وتكون النية بنية الأداء على حسب رأي السيد السيستاني والسيد الخوئي، وبنية التعجيل على رأي السيد الخامنئي.
إذاً من هذه الجهة لا حجة لك.
ربما يأتي شاب آخر ويقول أنه لا يمكنه أن يصلي إحدى عشر ركعة،
نقول له أيضا أن الفقهاء قالوا يجوز لك أن تكتفي بركعتي الشفع الوتر،
صلٍ هذه الركعات الثلاث قبل نومك بنية الأداء أو بنية التعجيل على حسب المرجع الذي تقلده.
هناك تسهيل ثالث فعلى حسب رأي المرجع السيد السيستاني يجوز أن تصليهم بسلام واحد بل ويجوز لك تصلي نافلة الفجر قبل نومك.
إن كنت تريد أن تحل عليك مرضات الله تباك وتعالى فصل هذه الركعات الثلاث والحق بهما نافلة الفجر،
ولربما لو بدأت بهذا المقدار من هذه الركعات يوفقك الله تبارك وتعالى بأن تكون من أهل صلاة الليل.
في ثواب البكاء على الإمام الحسين فقد ورد إن من لم يبكي فليتباكى،
وإن لم يستطع العبد البكاء ولم تطعه عينه ولم يخشع قلبه فليتباكى أي يتكلف البكاء حتى يصير له عادة فيلين قلبه وتدمع عيناه.
إذا علم الله تبارك وتعالى صدق نيتك في التباكي فإنه ربما يوفقك للبكاء فعلاً
إذا داومت على صلاة الليل توفق لأن تكون من المتلذذين بها.
- الصفة الثالثة: شدة تعلقهم بالأئمة المعصومين عليهم السلام وشدة ارتباطهم بالإمام الحسين (ع)
يدعون ربهم ويتمنون الشهادة وشعارهم يا لثارات الحسين.
هم لم يروا الحسين ولم يسمعوه ولم يعيشوا معه لكنهم يتمنون كل التمني أن يكونوا من الآخذين بثأره.
إن أبا عبد الله عليه السلام كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد، فبينا هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان فقال له رجل من الرفقة: هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك، وأكون له مملوكا، وأجعل لك مالي كله؟ فإني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه وأنا أقيم معه مكانك. فقال: أسأله ذلك. فدخل على أبي عبد الله عليه السلام فقال: جعلت فداك تعرف خدمتي، وطول صحبتي فإن ساق الله إلي خيرا تمنعنيه؟ قال: أعطيك من عندي، وأمنعك من غيري! فحكى له قول الرجل فقال: إن زهدت في خدمتنا، ورغب الرجل فينا قبلناه وأرسلناك. فلما ولى عنه دعاه، فقال له: أنصحك لطول الصحبة، ولك الخيار، إذا كان يوم القيامة كان رسول الله صلى الله عليه وآله متعلقا بنور الله، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلقا بنور رسول الله، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين، وكان شعيتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا، ويردون موردنا.
هؤلاء لم يروا الحسين ولم يسمعوه ولم يعيشوا معه لكنهم يتمنون كل التمني أن يكونوا من الآخذين بثارات الحسين
فقال له الغلام: بل أقيم في خدمتك وأوثر الآخرة على الدنيا. فخرج الغلام إلى الرجل، فقال له الرجل: خرجت إلي بغير الوجه الذي دخلت به! فحكى له قوله، وأدخله على أبي عبد الله عليه السلام فقبل ولاءه، وأمر للغلام بألف دينار ثم قام إليه فودعه، وسأله أن يدعو له، ففعل.
من الجيد جداً أن ألبس السواد في عشرة محرم وأن أحرص على حضور المأتم والمجالس الحسينية لكن من المهم أن يكون تأثري بالحسين تأثراً مستمراً لا ينتهي بانتهاء العشرة.
هناك بعض خدمة الحسين عليه السلام ممن سلوكهم في الشارع لا يحكي انتمائهم للحسين فإن كنت تريد أن تكون من خدمته عليه السلام فلا بد أن تراعي سلوكك في الشارع وتراعي تعاملك مع الناس فإن الناس إذا ذكروك في الشارع ذكروك في خدمتك للحسين.
‼️ أما أن أكون بشكل داخل الحسينية وبشكل آخر خارج الحسينية ؟
أحسب نفسي من خدمة الإمام وأنا أؤذي زوجتي وأولادي ووالدي وأصدقائي وجيراني وأؤذي غيري ؟!
من أراد أن يكون من خدمة الإمام الحسين عليه السلام فليلتزم بصفاته كخادم داخل الحسينية وخارجها.
3- النقطة الثالثة: موقفنا تجاه صفات أصحاب الإمام الحجة (ع)
- الموقف الأول: بعض الناس ربما إذا سمع صفات أصحاب الإمام المهدي تصور نفسه ممن تنطبق عليه تلك الصفات وأنه واحد من الثلاثمائة وثلاث عشر من أنصار الحجة !
على مستوى التنظير الكثير يعتبر نفسه من عباد الله الصالحين ولكن على مستوى الواقع يرسب الكثيرون.
عن مأمون الرقي قال: كنت عند سيدي الصادق عليه السلام إذ دخل سهل بن الحسن الخراساني فسلم عليه ثم جلس فقال له: يا ابن رسول الله لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة ما الذي يمنعك أن يكون لك حق تقعد عنه!؟ وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف!؟ فقال له عليه السلام: اجلس يا خراساني رعى الله حقك، ثم قال:
يا حنيفة أسجري التنور فسجرته حتى صار كالجمرة وابيض علوه، ثم قال: يا خراساني! قم فاجلس في التنور، فقال الخراساني: يا سيدي يا ابن رسول الله لا تعذبني بالنار، أقلني أقالك الله قال: قد أقلتك، فبينما نحن كذلك إذ أقبل هارون المكي، ونعله في سبابته فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله فقال له الصادق عليه السلام: ألق النعل من يدك، واجلس في التنور، قال: فألقى النعل من سبابته ثم جلس في التنور، وأقبل الإمام عليه السلام يحدث الخراساني حديث خراسان حتى كأنه شاهد لها، ثم قال: ثم يا خراساني وانظر ما في التنور قال: فقمت إليه فرأيته متربعا، فخرج إلينا وسلم علينا فقال له الإمام عليه السلام: كم تجد بخراسان مثل هذا؟ فقال: والله ولا واحدا فقال عليه السلام: لا والله ولا واحدا، فقال: أما إنا في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن أعلم بالوقت.
الإمام الصادق لم يكن بحاجة لأن يقعد سهل التنور ولكن أراد أن يبين لنا أن ناصر المهدي لا بد أن يكون بمستوى من هذا المستوى
قال ولا واحد.
- الموقف الثاني: أن لا نعيش اليأس
صحيح أن نصرة الإمام المهدي لها مواصفات لكن الكثير يمكنه أن يحقق تلك الصفات فيما لو أخلص في ذلك، فهناك من أنصاره ممن لا يرحى أن يكون به من الناصرين.
بعض الناس ربما يتصور نفسه غير حري بنصرة الإمام لكنه يظلم نفسه لأنه بإمكانه أن يكون من أنصار المهدي،
عليه أن يعيش الاتزان فلا إفراط ولا تفريط.
Leave a comment
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.