الليلة الثالثة والعشرون من شهر رمضان المبارك ١٤٣٥ هـ .
|فليكن شهر توبة|
قال تبارك وتعالى : { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } .
[الليلة ليلة عظيمة وليكن هذا الشهر العظيم شهر توبة].
- الآية وكأنها تخيف و كلمة (إنما) تفيد الحصر و الكثير منا أذنب وعمل السوء وهو يعلم أن الذنب حرام والآية تقول للذين يعملون السوء بجهالة.
- { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا }.
-- العين ترى ولكن اذا لم تحقق دورها من المعرفة فكأنها لا تبصر.
- روي عن الإمام الصادق (ع): " كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل فيه حين خاطر بنفسه في معصية ربه ... "
" لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا يَعْلَمُ ابْنُ آدَمَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا " .
” كفى بالموت واعظا ˝
- {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيب}:
يقول المفسرون الآية التي بعدها تفسرها:
{ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
باب التوبة مفتوح إلى ما قبل الموت وما دمت لم ترى الموت فإن باب التوبة مفتوح.
* {فَأُولَئِكَ} (الله تعالى يرفع شأنهم)
- { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
## {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيما}.
س- لماذا لم يقل الله في هذه الآية توابا رحيما ؟
- لأن الله تعالى خلق البشر ويعرف ضعفهم أمام الرغبات ولعلمه وحكمته فتح باب التوبة لنا ومن الصلاح لنا هو فتح باب التوبة.
• ثلاث توبات:
1- التوبة الاولى هي التوفيق من الله لأن نرجع إليه:
حالة الرجوع إلى الله حسنة وهي من الله تعالى والحمد لا يكون إلا لله (الحمدلله).
2- بعد التوبة يغفر ويصفح.
3- الإقرار بالذنوب.
- {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
# الروايات والأدعية تعلمنا الإقرار بالذنب.
- روي عن الإمام الباقر : "والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به ..".
- روي عن أمير المؤمنين (ع): " حسن الإعتراف يهدم الإقتراف" .
روي عن الإمام الباقر (ع): " لا والله ما أراد الله تعالى من الناس إلا خصلتين : أن يقروا له بالنعم فيزيدهم وبالذنوب فيغفرها ..".
- الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة يبدأ يخاطب الله بالنعم (أنت الذي أنعمت … ) ، و يخاطب الله بالإقرار والإعتراف بالذنوب ( انا يا إلهي المعترف بذنوبي…… ).
- الإعتراف يكون مع الله وليس مع الناس لأنه إذاعة للفحشاء.
• فلسفة وفائدة التوبة:
1- هدم الذنوب:
{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
2- الثمرة التربوية:
- عدم اليأس لأن اليأس يغلق باب الأمل .
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
• أهمية التوبة:
# قبل التوبة (وقت الذنوب والمعاصي):
1- ينزل البلاء:
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }.
2- ذهاب الإيمان:
{ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }
{ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون }.
3- الذنوب تحبس الدعاء:
فأسألك بعزتك أن لا يحجب عنك دعائي سوء عملي .. .
4- قسوة القلب:
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}.
* في الرواية: 'إنّ أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوة الدنيا على طاعتي، أن أسلبه لذيذ مناجاتي'.
5- الحرمان من التوفيقات.
6- نخرب النظام الكوني.
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
# بعد التوبة:
1- تكفير السيئات.
2- السيئات تبدل إلى حسنات:
{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
3- فرح الله رب العالمين بعبده.
" والله أفرح بتوبةٍ عبده من العقيم الوالد، ومن الضّال الواجد، ومن الظمآن الوارد .. ".
4- يتحول إلى حبيب الله:
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}.
5- يعطى عيشة هنيئا:
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى }
س - لماذا محاضرة الليلة هي عن التوبة ؟
1- لأننا ضيوف الله جل جلاله.
2- لأن فرص التوبة متاحة والشياطين مغللة في شهر رمضان.
3- لأن شهر رمضان موسم عبادي بالذات ليلة القدر.
4- لأن شهر رمضان بداية السنة العروجية.