الموضوع السادس: (بحث حول علامات الظهور المهدوي):
- مقدمة: هناك من يرفض روايات علامات الظهور ولا يقيم لها وزنا رغم كثرتها، ومن يستغرق في تطبيقها بغير اتزان ولا تمحيص، وهنا 3 نقاط.
- النقطة الأولى: روايات علامات الظهور: تنقسم إلى عامة، وخاصة، والخاصة محتوم وغيره.
- يؤمن بعض المحققين بوقوع كثير من العلامات العامة وإن أمكن توغلها في المستوى أكثر مع الزمان.
- من العلامات العامة: (امتلاء الأرض ظلما وجورا وفسادا/ غربة الإسلام/ إضاعة الصلوات/ اتباع الشهوات/ اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء/ تشبه الرجال بالنساء والعكس/ كثرة الطلاق..).
- من العلامات الخاصة غير الحتمية: (الموت الأحمر/ الموت الأبيض/ الجراد..).
- العلامات الخاصة الحتمية خمسة، وجاءت في روايات معتبرة ومستفيضة بل متواترة: (الخراساني/ السفياني/ اليماني/ قتل النفس الزكية بين الركن والمقام/ والصيحة)، الصادق(ع): (النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم).
- النقطة الثانية: ما المقصود من علامات الظهور؟ الإجابة تعمّق الفهم المتعارف لهذا المصطلح، والجواب بمستويين:
1) أن العلامة تأتي من واقع تكويني ممهّد للظهور حقيقةً بما يربطها معه من رابط وجودي، فالظهور انكشاف للتأثير الفعلي للإمام على العالم تكوينا، ويحتاج ذلك لتهيئة تكوينية تؤهل العالم للتمحور حوله(ع) بهذا المستوى من الكشف، فالعلامات واقعيات، وليست مصادفات.
- مما يشهد لهذه الفكرة ما ورد: (إذا نادى مناد من السماء: إن الحق في آل محمد. فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشرّبون حبه، فلا يكون لهم ذكر غيره)، (نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا)، (إذا قام قائمنا، وضع الله يده على رؤوس العباد، فيجمع بها عقولهم، تكتمل به أحلامهم).
2) أن الظهور مرتبة من مراتب يوم القيامة تنبسط في نفس عالم الدنيا، وهي تحتاج إلى تهيئة قد تتغير بها بعض القوانين التكوينية للدنيا، وهذه هي حقيقة العلامة.
النقطة الثالثة: منهج التعامل مع روايات العلامات والآثار:
للمنهج 4 معالم:
1) التمحيص العلمي للروايات وفقا للصناعة الاستدلالية المعروفة في هذا المقام.
2) التدقيق الدلالي التخصصي بالتفريق بين الظواهر والتأويلات والرموز، ما يستدعي تشعبا وتعمقا كبيرا ومترابطا بين مختلف العلوم.
3) تحكيم بعض القواعد المعرفية والروائية في مواقعها الصحيحة، ومنها: (التمييز بين العام والخاص، والمحتوم وغيره/ البداء/ تكذيب التوقيت/ تكذيب المشاهدة والبابية).
4) عدم التطبيق الخارجي إلا بالبيّن الواضح بنضج واتزان لا يتسرع إلى النفي، ولا إلى الإثبات، ودون تكلف، فإن من شأن العلامة أن تكون هادية، لا مشوشة.
- محاولة تطبيق العلامات على الواقع الخارجي ولو من الروايات الضعيفة، ونسج سيناريوهات تعتمد غير الثابت بالجزم فيه مشكل من جهة:
1) الابتعاد عن العلمية المعتمدة على القطع لا الظن.
2) ثبوت التكاذب مع أحداث كثيرة مرت بها الأمة كانت قابلة للتطبيق، ولم يتعقبها الظهور المبارك.
3) فقد الأمة الأمل في مضامين هذه الروايات، مما يفقدها قيمتها العلمية والعملية الحقيقية.
- آثار الاطلاع على روايات علامات الظهور بالمنهج الصحيح:
1) استمرار الجذوة العاطفية المتزنة في قضية المهدي(ع) والترقب والأمل الحق. الكاظم(ع): (الشيعة تُربّى بالأماني منذ مائتي سنة).
- تتزن هذه العاطفة ولا تُستغل حين تحتكم إلى القواعد التي بينوها(ع) من عدم التوقيت والاستعجال. (كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلّمون).
2) القدرة على التمييز بين الحق والباطل على أساس علمي، خصوصا في الادعاءات التي تكثر. الباقر(ع): (ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبيّ الله(ص)..، والنفس الزكيّة..، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإيّاك وشذاذٌ من آل محمّد(ع)، فإنّ لآل محمّد وعليّ راية، ولغيرهم رايات).
- مما تعطيه روايات العلامات من حيث التمييز في الوظيفة، وأنها تتمثل في لزوم الأرض والسكون، (إنّ دولة أهل بيت نبيّكم في آخر الزمان، ولها أمارات، فإذا رأيتم فالزموا الأرض، وكفّوا حتّى تجيئ أماراتها)، ولا يعني ذلك تعطيل فريضة الأمر بالمعروف، بل (الزموا الأرض) عن اتباع كل مدع كذاب.
3) التعرف على طبيعة التغير التكويني لمحاكاته بالبناء الجاد للنفس، والسعي في تقوية ملكاتها المعرفية، والأخلاقية، والسلوكية؛ ليكون الانتظار حقيقيا. (اعرف إمامك، فإذا عرفته لم يضرّك تقدم هذا الأمر أم تأخر..، فمن عرف إمامه كان كمن هو في فسطاط القائم(ع))، فالمركزية في روايات العلامات للتعرف على الإمام، لا للعلامة بما هي.
- حذرت الروايات من عدم الاستعداد الجدي وأنه قد يخرج من هذا الأمر، الصادق(ع): (مع القائم(ع) من العرب شيء يسير..، لا بد للناس من أن يمحّصوا، ويميّزوا، ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلقٌ كثيرٌ)، (إذا خرج القائم(ع) خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله، ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر)!