علاقة السببية بين الذنوب
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) سورة الحديد
القراءة الفقهية والعرفانية للذنوب
للذنوب آثار سلبية على الإنسان، وتطرح قراءة الذنوب قراءة فقهية التساؤلات على هذا النحو: هل يجوز أن أصلي خلف المذنب؟ هل تقبل شهادة المذنب؟ هذه تساؤلات فقهية وقراءة فقهية للذنوب، وقد تقرأ الآثار قراءة عرفانية، هل للذنوب آثارا سلبية على روح وجسد الإنسان؟ هل للذنوب آثار ومسببات في قطع رزق الإنسان؟
هناك أمور مكروهة ومحرمة وضعتها الشريعة لمصلحة المخلوق، وقد ورد عن أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) مَا جَفَّتِ الدُّمُوعُ إِلَّا لِقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَمَا قَسَتِ الْقُلُوبُ إِلَّا لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ، وقد تحدثت بعض الدراسات العلمية الحديثة أن الطاقة السلبية للإنسان ناتجة عن آثار الذنوب والمعاصي والآثام، وقد تتسبب الذنوب في قطع رزق الإنسان.
وللذنوب آثار سلبية وخيمة روحية، فهي تمنعه من التوفيق والخشوع والتوجه في الصلاة، وإذا اعتاد الإنسان على الذنوب فإنه يسلب منه التوفيق للعبادة ويخلق حجاباً بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
الذنوب (أمراضها وأعراضها)
كيف يمكن للإنسان الابتعاد عن الذنوب بلا عودة؟ هناك علاقة سببية بين الذنوب، نحن ننظر للذنوب وكأنها جزر مستقلة كل على حدة، بينما هي متصلة ببعضها البعض، وكما يقول علماء العرفان، فهناك أمراض وأعراض، لا يمكن أن تبتعد عن الأعراض بدون استئصال المرض، فإذا أراد الإنسان أن يبتعد عن الذنوب فلا بد أن يستأصل المرض.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
التجسس والغيبة وسوء الظن جمعت في آية واحدة وهذه جميعها أعراض.
العلاج لا يمكن بإزالة العرض وإنما بإزالة المرض من جذوره، والمرض الأساسي هو انتهاك حرمة المؤمن، وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة. فإذا التفت الإنسان إلى مسألة حرمة المؤمن فسيجتنب هذه الأعراض عبر استئصال المرض الأساس.
قد يلتفت الإنسان إلى الذنوب الظاهرية ويغفل عن الذنوب الباطنية التي هي أشد فتكاً، فالأمراض الداخلية المخفية مثل (الحسد، سوء الظن، الحقد،) ينبغي معالجتها، فإذا عالج الإنسان ما في داخله فسيحمل الآخرين على الخير.
(اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم)، فبعض آثار الذنوب أنها تتسبب في إضعاف مناعة الإنسان، فمن يتوغل في المعاصي والذنوب تستحيل عليه العودة وتضعف مناعته الروحية، ولذلك فينبغي الحذر من الشيطان، والحسين عليه السلام يقول: (وَأحَذِّرُكُمْ الْإِصْغَاءَ إِلى هَتُوفِ الشَّيْطانِ بِكُمْ فَإِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبينٌ،)