Friday, 13 August 2021 13:58

ملخص محاضرة - يوم 4 محرم الحرام 1443 هجرية - الخطيب الشيخ رجائي البارباري

Rate this item
(0 votes)

مفهوم العدل

أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32) سورة الزخرف

مفهوم العدل

المعنى الأول: إعطاء كل ذي حق حقه.

سواء كان الحق ناشئا عن عمل تكويني أو اعتبار قانوني، فلو سبق أحد إلى السوق ووضع بضاعته في أرض عامة، فلا يحق لأحد وليس من العدالة ومن الظلم أن يتم إزاحة البائع أو سلبه مكانه. كذلك الأمر في مسألة السبق لمحل المصلي، فلا يجوز لأحد أن يزيح مصلياً من مكانه إذا سبقه إليه، في الرواية عن الرسول (ص): (من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحق به)، وكذلك الحال في المأتم، إذا سبق مؤمن إلى بقعة في المأتم وجلس فيها فلا يجوز شرعا إزاحته من مكانه إلا في حال التراضي بينهما.

وأما إذا كان الحق ناشئاً عن اعتبار قانوني شرعي كنفقة الزوجة، فلا يجوز للزوج منع النفقة بدعوى كون الزوجة موظفة، أو امتناعه عن الإنفاق بدون مسوغ أو مبرر، فهذا يعد من الظلم، فالنفقة أحد الحقوق الشرعية الذي جعله الله للزوجة، وليس تفضلاً من أحد، ومن ضيع الحق الشرعي فقد ظلم.

المعنى الثاني: إفاضة الأشياء على الموجودات بحسب استعدادها:

هذا المعنى مختص بالله سبحانه وتعالى وحده، فهو الذي أفاض الأشياء على الموجودات وعلى الإنسان، وليس للإنسان حقوق على الله ليطالبها بها، وإنما هي تفضل من الله على العباد، فإذا أعطى نعمة مثل (الصحة، السلامة) وبعدها أخذها أو سلبها فهذا لا يعد ظلما لكونها إفاضة أمنها الله للإنسان ثم استردها منه، فالملك لله وحده جل شأنه.

العدل الإلهي لا ينطبق عليه المعنى الأول في إعطاء كل ذي حق حقه، وإنما هو إفاضة الأشياء على الموجودات بحسب استعدادها، فالنعمة والتوفيق كله من الله عزوجل، وله القدرة على الإعطاء والمنع. وفي الحديث أنه أوْحَى اللَّهُ تَعالى‌ إلى‌ مُوسى‌ عليه السلام: يا مُوسى أُشْكُرْني حَقَّ شُكْري، فَقالَ: يا رَبّ كَيْفَ أشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَلَيْسَ مِنْ شُكْرٍ أشْكُرُكَ بِهِ إلّاوَأنْتَ أنْعَمْتَ بِهِ عَلَىَّ؟ فَقالَ: يا مُوسى‌! شَكَرْتَني حَقَّ شُكْري حينَ عَلِمْتَ أنّ ذَلِكَ مِنّي.

فتفوه اللسان ونطقه لكلمات الحمد الله هو توفيق من الله، وهو بحد ذاته يحتاج إلى شكر لله.

ويتساءل البعض: هل من العدل أن يخلقه الله (فقيرا أو ضعيف الشخصية) بينما غيره (غني أو قوي الشخصية)، ألا يوجد ظلم في ذلك،  والجواب أن هذا من صميم العدل لكون الملك محض لله، فإذا تفضل الإنسان على غيره بشيء يملكه فلا يعد ظلماً.

التمييز -التمايز:

لو أن معلماً مارس تمييزاً وفقاً للهوى وبدون مبررات فهو ظلم، أما إذا أجرى اختبارات معينة وفضل الطلاب وفقاً للأولوية فهذا تمايز وفقا للاستعداد والعطاء، ولذلك لا يصح أن نقول أن الله ميز الرسول (ص)، بل أن هناك تمايزاً بين الخلق، ففي الرواية أنه لما أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام فقالوا: أنت ربنا فحمّلهم العلم والدين..

 

ويطرح تساؤل:

لماذا خلق الله الآفات والشرور والفيضانات، لماذا لم يخلق الإنسان مرتاحاً بدون هذه الأمور؟

الجواب الأول: الشر أمر نسبي:

 فالله خير حافظاً، فهو مصدر الخير ولا يخرج عنه إلا الخير، وهناك أمور نسبية تحدث لعدم انسجام فتظهر للإنسان على أنها شر، بينما هي في حقيقتها خير.

الجواب الثاني: الشر جزء من لوح الوجود:

إذا نظرنا للشرور بنظرة إيجابية على أنها جزء من لوح الوجود فلا وجود لها أصلا، فلو كانت الصحة دائمة لما عُرفت قيمة الصحة، وكذلك بالنسبة للنور والظلمة. وإذا عدنا لمن يحدث الشر فهو الإنسان نفسه الذي تسببت أعماله بحدوث الفيضانات والزلال،

 

 

 

Read 212 times

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.