أنواع الجهاد ومراتبه
ورد عن الإمام الصادق (ع) في زيارة الإمام الحسين عليه السلام:
فَجَزاكَ اللهُ مِن صِدِّيقٍ خَيراً عَنْ رَعيَّتِكَ، أشْهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ، وَأنَّ الحَقَّ مَعَكَ وَإلَيْكَ، وَأنْتَ أهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ
اسم الحسين مرتبط بمعاني الشهادة والفداء والتضحية والجهاد، وقد يصل ليصبح ارتباطا تكوينيا وجوديا، وهي معاني ذاتية مرتبطة بسيد الشهداء (ع). وقد شهد الإمام الصادق (ع) بذلك في الزيارة المذكورة أشهد أن الجهاد معك جهاد.
إشكال حمل الشيء على الشيء: يُشكل البعض على عدم استقامة العبارة لكونها مثال لأسلوب (حمل الشيء على الشيء)، إلا أن حديث المعصوم ليس اعتباطياً وله معان جليلة، وقد يستخدم هذا الأسلوب في مقام رفع الشك. والإمام الصادق (ع) في وارد أن يؤكد أن الجهاد في كربلاء بلوازمه بمقدماته تحقق على يدي سيد الشهداء (ع)، وأراد رفع الشك فيمن شكك في جهاد الإمام الحسين (ع).
المعنى الأول: شرعية جهاد الإمام الحسين (ع):
هناك من شك في صدور الجهاد من الحسين (ع)، وقالوا أن من قتل في كربلاء ليس الحسين، وهذا من زيف آل أمية لتبريء أنفسهم.
وهناك من زعم أن الحسين لم يقتل وكان له شبيه، وأنه رفع كما رفع عيسى، وقد رد عليهم الإمام الرضا بقوله (كذبوا عليهم غضب الله ولعنته، وكفروا بتكذيبهم لنبي الله في إخباره بأن الحسين بن علي عليهما السلام سيقتل والله لقد قتل الحسين).
وهناك من شكك في أصل جهاد الحسين عليه السلام من الناحية الشرعية، وقالوا أن الحسين شق عصا المسلمين، وشق الوحدة وتخلف عن إجماع الأمة. فأراد الإمام الصادق عليه السلام أن يؤكد أن الجهاد شرعي شامل كامل.
المعنى الثاني: الحسين (ع) بوصلة الجهاد:
الضابطة والبوصلة في الجهاد هو جهاد الحسين وحركته، وحمل ذات عناوين الثورة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم تكن مقدمات وحقيقة ونتائج الجهاد مشابهة لجهاد الحسين فهذا الجهاد زيف.
فمن يعرض (داعش) على ضابطة جهاد الحسين، يرى أنه جهاد زائف يدحض الحق ويقيم الظلم ويهتك الحرمات، ففي جهاد الحسين معالم بديهية لطلب الإصلاح، ويستند على أساس قرآني.
المعنى الثالث: أنواع الجهاد:
هناك عدة أنوع للجهاد وقد أشار الرسول (ص) إلى بعضها في حديثه للسرية العائدة من الجهاد، أن هناك جهادين (جهادٌ أصغر، وجهادٌ أكبر)، الجهاد الأصغر جهاد العدو بالسيف، والجهاد الأكبر جهاد النفس، وهناك جهاد كبير (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)، وجهاد صغير.
امتناع العباس عن شرب الماء وبكاء الحسين على أعدائه هو جهادٌ أكبر عبر الفضيلة والتكامل للنفس، ووعظ القوم ونصحهم هو جهاد كبير، وبالتدبر والتمعن نرى أن جهاد الحسين (ع) وكربلاء قد اشتملت على جميع أنواع الجهاد بلوازمه ومقدماته وفضائله.