Sunday, 09 May 2021 18:35

ملخص محاضرة ليلة الثاني والعشرين من شهر رمضان - سماحة الشيخ هاني البناء

Rate this item
(0 votes)

 ثمار التوكل على الله

قال تعالى: ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.

الحديث حول ثمار وآثار التوكل على الله سبحانه وتعالى، وفي هذا الحديث سنذكر معنى التوكل وأهميته، والفرق بين التوكل والتواكل، وكذلك الفرق بين التوكل والتفويض إلى الله وبين التسليم والرضا، وأيضا مراتب أو درجات التوكل.

 

  • ما معنى التوكل؟

قد ذكر بعض العلماء أن التوكل هو أن تظهر عجزك، وأن يكون اعتمادك على الله فلا حول ولا قوة إلا بالله،

والاستثناء بعد النفي يفيد الحصر.

إذاً الإنسان الذي يرى نفسه لا يملك حولاً ولا قوةً وأن الحول والقوة بالله فهذا يعتبر متوكل على الله.

الناراقي ذكر أن التوكل هو التبري من كل حول وقوة والاعتماد على حول الله وقوته،

وأن لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى.

والطباطبائي ذكر أن التوكل هو إرجاع أمر التأثير إلى الله سبحانه.

 

  • معنى التوكل في النصوص الشريفة:
  • في الرواية أن النبي (ص) سأل جبرئيل (ع): "وما التوكل على الله عز وجل؟ فقال: العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل".

من هذه الرواية يستفاد ثلاثة أمور في التوكل:

العلم بأن المخلوق لا ينفع ولا يضر،

وهذا العلم يدعو للإنسان إلى عدم الخوف والرجاء من أي أحد (لا يخاف ولا يرجو أحدا)،

وعدم الرياء: الإخلاص لله (لا يكون هناك رياءً).

 

 

 

  • أهمية التوكل وبعض آثاره:
  • عن أمير المؤمنين (ع): "التوكل التبري من الحول والقوة، وانتظار ما يأتي به القدر"
  • "وعنه (ع): حسبك من توكلك أن لا ترى لرزقك مجريا إلا الله سبحانه.
  • عن أبي بصير عن الصادق (ع):ليس شيء إلا وله حد قلت: جعلت فداك فما حد التوكل؟ قال: اليقين، قلت: فما حد اليقين؟ قال: ألا تخاف مع الله شيئا.

 

  • ما هو منشأ التوكل؟ هو اليقين بأن الله هو الضار النافع وأن لا مؤثر إلا الله سبحانه وتعالى.
  • عن الإمام علي (ع): "التوكل من قوة اليقين".
  • وروي عنه أيضا (ع): "من وثق بالله توكل عليه".

 

  • أهمية التوكل على الله:
  • عن الأمير (ع): "الإيمان له أركان أربعة: التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله عز وجل".

 

الكليني في الكافي جعل التوكل والتفويض في باب واحد (التفويض إلى الله والتوكل عليه)،

ولكن الروايات جعلت التوكل في ركن والتفويض في ركن آخر، ولهذا الشيخ عبدالرزاق الكاشاني جعل التوكل فرع من فروع التفويض.

الإمام الخميني فرق التفويض عن التوكل فأشار إلى أن التفويض هو أن لا يرى العبد في نفسه حولا ولا قوة ولا يجد أن له قدرة على التصرف (المتصرف في جميع الأمور هو الله)،

والتوكل: توكل الله عز وجل أن يدير أمرك.

 

التسليم تارة مستواه ظاهري وتارة مستواه باطني، فالرضا هو في القلب وهو يختلف عن التسليم لأن في القلب يكون التسليم والرضا معاً.

الرضا: يفني إرادته ومشيئته في إرادة الله.

 

  • ما الفرق بين التوكل والتواكل؟!.

البعض يتصور أن التوكل هو التسليم لأمر الله عز وجل دون الاعتماد على العناصر المادية وهذا تصور خاطئ.

هناك عنصر مادي وعنصر روحي،

فمثلاً العنصر المادي في الرزق هو أن تعمل بالخطوات وبالأسباب فتبحث عن الرزق،

والعنصر الروحي هو قوة الإرادة والصبر وحسن الظن.

 

الإسلام يقول التواكل هو أن تترك العنصر المادي وتعتمد على العنصر الروحي،

كأن تستلقي على ظهرك وتقول يا رب ارزقني !!

التوكل يحقق العنصر الروحي لأن التوكل ارتباط بقدرة الله التي لا تقهر

 

  • "أوجب الله لعباده أن يطلبوا منه مقاصدهم بالأسباب التي سبّبها لذلك، وأمرهم بذلك".

 

  • ما هي مراتب التوكل؟ للتوكل ثلاث مراتب:

الأولى وهي أدناها أن تقول رب دبّر أمري وأنت وكيلي،

الثانية أن يكون كالطفل مع أمه (الطفل لا يعرف غير أمه ولا يرى غيرها)،

والثالثة أن يرى نفسه كالميت بين يدي المغسل (لا يرى لنفسه حولاً ولا قوةً أبدا).

يفعل ما يأمره الله وهو مسلم فيفني إرادته بإرادة الله عز وجل.

 

  • عن الصادق (ع): "أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة و أعلمها أنها قرينتك في الجنة، فانطلق إليها فقرع الباب عليها فخرجت وقالت: هل نزل في شئ؟ قال: نعم، قالت: ما هو؟ قال: إن الله تعالى أوحى إلى وأخبرني أنك قريني في الجنة، وأن أبشرك بالجنة، قالت: أو يكون اسم وافق اسمي؟ قال: إنك لانت هي، قالت: يا نبي الله ما أكذبك، ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال داود (ع): أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟ قالت: أما هذا فسأخبرك به، أخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ما كان، ولانزل ضربي وحاجة وجوع كائنا ما كان إلا صبرت عليه، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة، ولم أطلب بها بدلا، وشكرت الله عليها وحمدته، فقال داود صلوات الله عليه: فبهذا بلغت ما بلغت ثم قال أبو عبد الله (ع): وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين.

 

  • ثمرات التوكل على صاحبه.
  • عدم الخوف.

 

  • الشعور بالاستغناء عن الناس:
  • عن النبي (ص): " لو أن رجلا توكل على الله بصدق النية لاحتاجت إليه الأمراء فمن دونهم فكيف يحتاج هو ومولاه الغني الحميد"
  • عن الباقر (ع): "الغنى والعز يجولان في قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل أقطناه".

 

  • الشعور بالطمأنينة والسكنية.

 

  • البصيرة:
  • عن الأمير (ع): "من توكَّل على الله أضاءت له الشّبهات وكُفي المؤونات وأمن التبعات".

 

  • تذليل الصعاب:
  • عن الأمير: مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى الله ذَلَّت لَهُ الصِّعَابُ، وَتَسهَّلَت عَلَيهِ الأَسبَابُ.

 

  • الرزق (الله سبحانه هو من يكفل الرزق).
  • عن الرسول الأعظم (ص): لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.

 

  • النجاة من كل سوء:
  • عن الجواد (ع): " التوكل على الله نجاة من كل سوء، وحرز من كل عدو"

 

  • ابن شهر آشوب: قال: أمر نمرود بجمع الحطب في سواد الكوفة عند نهر كوثا من قرية قطنانا وأوقد النار فعجزوا عن رمي إبراهيم فعمل لهم إبليس المنجنيق فرمي به، فتلقاه جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، حسبي الله ونعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار فان خزائن الأمطار والمياه بيدي، فقال: لا أريد، وأتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيرت النار، قال: لا أريد، فقال جبرئيل: فاسأل الله فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي.

 

  • عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (يقول الله عز وجل: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني، الا قطعت أسباب السماوات والأرض دونه، فان سألني لم اعطه، وان دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي، الا ضمنت السماوات والأرض رزقه، فان سألني أعطيته، وان دعاني أجبته، وان استغفرني غفرت له).

 

  • الثقة بالنفس:

هل نثق بأنفسنا ؟ نعم أن نثق بما أعطانا الله تعالى حينما نسند عطيته إليه تبارك وتعالى.

ولكن الثقة بالنفس بعيدا عن الله تصيب الإنسان الكبر والغرور.

  • عن الأمير (ع): "الثقة بالنفس من أوثق فرص الشيطان".
  • وعنه (ع): " إياك والثقة بنفسك، فإن ذلك من أكبر مصائد الشيطان"

 

الخلاصة:

عليك أن تسعى نحو الأسباب الطبيعية وكلك أمل في أن الخير ليس إلا من الله وأن هذه الأسباب الله يسببها فحينئذ ستتحول إلى إنسان راض بما تحصل عليه من رزق بل وتؤثر عليك وتحب أن تقدم للغير.

 

تكون أنت شمعة تحترق حتى تضيء للآخرين

 

 

 

 

 

 

 

Read 283 times

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.