في الحقيقة إن إمامنا (ع) كان يحمل علم النبي (ص) كما يروي المسلمون،
فإن النبي (ص) مدينة العلم وعلي (ع) بابها.
والكل يقول أنَّه كان يلجئ إليه في كل عويصة (لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن).
فكان الإمام (ع) يحمل هدي الرسول (ص) وسيرة الرسول (ص) وسننه وعصمته
يحمل هدي الرسول (ص) وسيرته وسننه وعصمته (ص).
"أَنْتَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى، إِلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي".
فكان الإمام هو الأحق للخلافة لكن الأمة أخرته لعشرات السنين، وقد ازدحموا عليه (ع) يريدونه خليفة بعد قتل الخليفة الثالث حتى وطئوا الحسنان (ع) (داسوا الحسن والحسين).
ليست كل الأمة جاءت (الذين أتوا هم الثائرون على الخليفة الثالث).
ماذا أجابهم الإمام (ع).
في الرواية أنه قال دعوني والتمسوا غيري.
لماذا؟ لأن الخلافة لا قيمة لها إلا بما تنجز فإن السكين ليست شريرة وليست خيرة ولكن هناك من يوظف هذه الآلة وهي السكين إما في المكان الخاطئ أو في المكان الصحيح.
لذلك لم يقبل بالخلافة إلا ان يقيم بها حقا أو يدفع بها باطلاً،
عندما ينقاد الجند والأتباع لسيدهم فيمكنه أن يحقق العدل ولكن إذا تمردوا عليه سيرغمونه على ما لا يريد،
ولذلك قبل أبو الحسن (ع) ولكن لشرط أن ينقادوا ولا يعترضوا لأنه يمشي على هدي من الله تبارك وتعالى ويعلم ما الذي سيجري وما عليه أن يقوم به ما بعد وفاة النبي وأثناء تصديه للخافة وحتى ما سيأتي بعده.
مثلاً: أنت ترى وتقود من لا يرون (خلفك عشرة لا يرون) هل تقبل منهم أن يقولون لك لا تأخذ هذا الطريق أو اسلك هذا الطريق؟ لن تقبل لأنهم لا يرون كما تراه.
عنه (ع): " دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول"
دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان:
يختلط فيه الحق مع الباطل، ومن لا بصيرة له لا يقوى على ذلك وكذلك من بصيرته ضعيفة أيضا لا يقوى عليه.
- خرج مولانا أمير المؤمنين (ع) ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجها إلى داره، وقد مضى ربع من الليل ومعه كميل بن زياد وكان من خيار شيعته ومحبيه.
فوصل في الطريق إلى باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت ويقرأ: * (أمن هو قانت آناء الليل) * - الآية بصوت شجي حزين، فاستحسنه كميل في باطنه وأعجبه من غير أن يقول شيئا فالتفت صلوات الله عليه إليه وقال: يا كميل، لا يعجبك طنطنة الرجل، إنه من أهل النار سأنبئك فيما بعد. فتحير كميل لمكاشفته له على ما في باطنه ولشهادته بدخول النار مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة. ثم مضى مدة طويلة إلى أن آل حال الخوارج إلى ما آل، وقاتلهم أمير المؤمنين (ع) فالتفت أمير المؤمنين (ع) إلى كميل، وهو واقف بين يديه، والسيف في يده يقطر دما ورؤوس هؤلاء الكفرة الفجرة على الأرض، فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرؤوس، وقال: يا كميل: * (أمن هو قانت) * - الآية، أي هذا رأس ذلك الشخص الذي كان يقرأ هذه الآية فأعجبك حاله، فقبل كميل قدميه واستغفر الله.
عندما نفتح حروب الإمام الحسن (ع) نجد أن في حربه الأولى هناك من ينظر بنظره أن أهل البيت (ع) كانوا يتقاتلون مع بعضهم البعض!!.
البعض لم يقبلوا أن يسمعوا للإمام في صفين ولذلك لو طبقوا هذا الشرط لسمعوا الإمام ولما تمردوا عليه.
والإمام كان أمام مشكلة ولذلك اشترط عليهم أن يقوم بعملية إصلاح ما أفسده من قبله لأنه سيواجه إعلاماً كاذباً مضلاً سيجر البعض للتمرد على الإمام.
كوفي عنان في الأمم المتحدة يتحدث اليوم عن الإمام كنموذج ساطع.
الإصلاح الإداري للإمام (ع):
كم كانت مدة خلافته؟ لم يعطى الفرصة وقد خاض حروب داخلية وكانت مدة خلافته 4 سنوات و9 أشهر و3 أيان.
- الإصلاح الإداري للإمام (ع):
- عزل الفاسدين:
هل يعقل أن أعمل على إنجاح مشروع إصلاحي وأنا أعتمد على الفاسدين؟!
لذلك عزل الإمام (ع) كل من رآه غير صالح.
ومع ذلك اعترض عليه البعض.
لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بلغه ان معاوية قد توقف عن اظهار البيعة له، وقال: ان أقرني على الشام أو الأعمال التي ولانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين ان معاوية من قد عرفت، وقد ولاه الشام من كان قبلك، فوله أنت كيما يتسق عرى الأمور ثم اعزله ان بدا لك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟ قال: لا، قال: لا يسألني الله عز وجل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا " وما كنت متخذ المضلين عضدا " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
لماذا لم يقبل الإمام (ع) بأنصاف الحلول؟ قال أنه لم يضمن عمره ولكن هناك عدة أجوبة خصوصا وأن البعض وصفه بأنه ليس بداهية ولا يفهم بالسياسة! ولكن فن الممكن في المؤمن الإلهي الرسالي هو أن الممكن هو ما يربي لا ما يدمر.
ومن تلك الأجوبة:
- الإمام جاء إلى بلد مستحدث (الكوفة):
الكوفة من أنصار عديدة لذلك احتاج أن يبني له طليعة مؤمنة (قاعدة شعبية مؤمنة) وأن لا تنقاد هذه الطليعة للتمرد والخداع.
- أمير المؤمنين (ع) تصدى للخلافة بعد ثورة جامحة:
الثورة عبارة عن عواطف سخنت ثم تحركت باتجاه وانفجرت وتغيرت،
عندما تسكت الثوار تخمد روح الثورية فيهم ولذلك استثمرها في علمية الإصلاح.
- المسألة ليست تتعلق بالإمام وفلان وإنما هي مسألة جاهلية وإسلام.
- كان يخطط للبعيد.
إذا أقريت بالفاسد فهناك مشكلتان:
الأولى أن الطريقة لن تختلف بحيث تترك للفاسد أن يتلاعب وأنا لا أقبل أن يحكمني ظالم،
والثانية هي أن الخليفة قوته بمن معه.
ورد عنه (ع): "ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها ، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام ، وجلد حدا في الاسلام وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الاسلام الرضائخ، فلولا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم، وجمعكم وتحريضكم، ولتركتكم إذ أبيتم وونيتم ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت
ورد أنه (ع) قال للأشتر: " إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة فإنهم أعوان الأثمة وإخوان الظلمة، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ممن لم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على إثمه. أولئك أخف عليك مؤونة، وأحسن لك معونة وأحنى عليك عطفا، وأقل لغيرك إلفا فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك ، وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه واقعا ذلك من هواك حيث وقع، والصق بأهل الورع والصدق، ثم رضهم على أن لا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو وتدني من العزة ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الاحسان في الاحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة. وألزم كلا منهم ما ألزم نفسه.
- الأموال:
وجد أن بيت المال ليس يحتاج للتنظيم وإنما كان يحتاج لتصحيح ميزانية المال التي ذهبت وكانت في الخطأ والتي ذهبت في المحسوبيات والفساد،
هل يُسمح لي أن أقول عفا الله عما سلف؟ أم أن هذه حقوق ولا بد أن أرجعها؟!
- عنه (ع): "وإنما أنا رجل منكم، لي ما لكم، وعلي ما عليكم. وقد فتح الله الباب بينكم وبين أهل القبلة، فأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، ولا يحمل هذا الأمر إلا أهل الصبر والبصر، والعلم بمواقع الأمر. وإني حاملكم على منهج نبيكم (صلى الله عليه وآله)، ومنفذ فيكم ما أمرت به إن استقمتم لي والله المستعان.
- وعنه (ع): " ألا إن كل قطيعة أقطعها "فلان"، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، وفرق في البلدان، لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق.