عقيدة الشيعة الإمامية في الأنبياء أنهم معصومين على مستوى تلقي الأحكام الدينية وتبليغها إلى الناس وأنه معصومون من ممارسة الظلم على أي مستوى من المستويات أو في حال من الأحوال.
لكننا إذا قرأنا القرآن الكريم نجد أنه يشتمل على مجموعة من الآيات الكريمة يبدو من الظاهر لقارئها في الوهلة الأولى أن الأنبياء يرتكبون المعاصي ويصدر منهم الذنوب ويمارسون مختلف أنواع الظلم!.
النبي يونس (ع) كما ورد في الروايات قضى في قومه أربعين عاما يدعوهم للإيمان وكلما دعاهم زادوا غيا وأصروا على الضلال،
وقد وصل النبي يونس (ع) إلى مستوى يأس فيه من هداية قومه فرفع يديه إلى السماء ودعا الله أن ينزل عليها العذاب.
وفي اليوم الموعود بدأت علامة نزل العذاب فاسودت السماء وما كان من النبي يونس إلا أن ترك قومه وغادرهم حتى ينزل العذاب عليهم.
في تفسير الأمثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: النبي يونس (ع) ذهب باتجاه البحر وركب السفينة، وأثناء الطريق هاج البحر، فكاد كل ركاب السفينة أن يغرقوا. وهنا قال ربان السفينة: إني أظن أن بينكم عبدا هاربا يجب أن يلقى في البحر - أو إنه قال: إن السفينة ثقيلة جدا ويجب أن نلقي فردا منا تخرجه القرعة - فاقترعوا عدة مرات، وكان اسم يونس (عليه السلام) يخرج في كل مرة! فعلم أن في هذا الأمر سرا خفيا، فسلم للحوادث، وعندما ألقوه في البحر ابتلعه حوت عظيم وأبقاه الله في بطنه حيا.
كم بقي يونس (ع) في الحوت؟
اختلفت الأقوال (3 أيام – 7 أيام – 20 يوم – 40 يوم) وهناك من قال أنه بقي ساعة واحدة فقط.
أما في روايات أهل البيت (ع) فقد ذكرت الرواية عن أمير المؤمنين (ع) أنّ يونس أمضى (تسع) ساعات في بطن الحوت.
بعض تفاصيل قصة النبي يونس (ع) جعلت جماعة من المسلمين يستندون إليها في تخطئته (ع) والتشكيك في عصمته.
البعض قال أن النبي يونس كان غاضبا على الله وظن أنه خارج عن القدرة الإلهية.
مثل هذه الآيات كيف نفسرها ونوجهها ما هي القواعد التي يعتمدها علماء الطائفة الإمامية؟!
- القاعدة الأولى: الدليل القطعي لا يمكن نقضه بدليل ظني فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
- القاعدة الثانية: قام الدليل القطعي على أن الله سبحانه وتعالى إنما بعث الأنبياء لهداية الناس فإذا كان النبي يرتكب المعصية والإثم فكيف يكون هادياً؟!
- القاعدة الثالثة: الأوامر الصادة من الله عز وجل لأنبيائه على هي نوعين (أوامر مولوية وأوامر إرشادية):
- الأوامر المولوية: هي تلك الأوامر التي تصدر من الله عز وجل باعتباره مولى له كامل الهيمنة والسلطنه على عباده وتجب طاعته،
والأوامر المولوية تستوجب العقاب وهذا العقاب قابل لعدم حصوله إذا صدرت التوبة من فاعل المخالفة.
- الأوامر الإرشادية: هي التي تصدر من الله عز وجل باعتباره ناصحا مشفقا محبا لأنبيائه.
ومخالفة الأوامر الإرشادية لا يستوجب عليها العقاب وإنما يترتب عليها أثر تكويني وهذا الأثر يحصل في الدنيا سواء تاب فاعله أو لم يتب.
بعض الطوائف خطئوا النبي يونس (ع):
﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا: قالوا أنه غضب على الله.
فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ: قالوا بأنه ظن أنه خارج عن القدرة الإلهية.
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ: وصف نفسه بظالم!.
- الملاحظة الأولى: روايات أهل البيت (ع) قالوا أن غضب يونس (ع) لم يكن على الله وإنما كان لله لأن غضبته لله كان فيها من الحسرة ما فيها على قومهم لأنهم لم يؤمنوا بدعوته.
- الملاحظة الثانية: الظن مرة نفسره بالمعنى المنطقي مقابل اليقين ويكون معناه الاحتمال ومرة نطبقه للمعنى اللغوي وهو بمعنى اليقين، والنبي يونس (ع) تيقن أنه لن يضيق عليه في قومه.
- الملاحظة الثالثة: مفردة الظلم لها عدة معانٍ فمنها إنقاص الحظ ومنها وضع الشيء في غير محله وكلمت الظلم ليس بالضرورة معناها ارتكاب المعصية فالنبي يونس (ع) لما يقول إني كنت من الظالمين فهو يريد أن يقول بما معناه أنني أنقصت من حظتي بأنني فارقت قومي قبل أن أستأذن ربي.